07‏/12‏/2013

لا سلطان للشيطان على عباد الله الصالحين

لم يُعطِ الربُّ الشيطانَ القدرة على إجبار الناس وإكراههم على الضلال والكفر: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾ [سورة الإسراء – الآية 65]، ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ﴾ [سورة سبأ – الآية 21].
ومعنى ذلك أنَّ الشيطان ليس له طريق يتسلط بها عليهم، لا مِن جهة الحُجة ولا مِن جهة القدرة، والشيطان يدرك هذه الحقيقة: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [سورة الحِجر – الآية 39، 40].
وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون بفكره، ويتابعونه عن رضا وطواعية: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [سورة الحِجر – الآية 42]. وفي يوم القيامة يقول الشيطان لأتباعه الذين أضلهم وأهلكهم: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ﴾ [سورة إبراهيم – الآية 22].
وفي آية أخرى: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [سورة النحل – الآية 100]، والسلطان الذي أعطيه الشيطان هو تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال، وتمكنه منهم، بحيث يؤزهم على الكفر والشرك ويزعجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه، كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [سورة مريم – الآية 83]، ومعنى تؤزهم: تحركهم وتهيجهم.
وسلطان الشيطان على أوليائه ليس لهم فيه حُجة وبرهان، وإنما استجابوا له بمجرد دعوته إياهم، لمَّا وافقت أهواءهم وأغراضهم، فهُم الذين أعانوا على أنفسهم، ومكنوا عدوهم مِن سلطانه عليهم بموافقته ومتابعته، فلما أعطوا بأيديهم واستأسروا له، سُلِّط عليهم عقوبةً لهم. فالله لا يجعل للشيطان على العبد سلطاناً، حتى يجعل له العبد سبيلاً بطاعته والشرك به، فجعل الله حينئذ له عليه تسلطاً وقهراً.
 
كتبه: أ.د. عمر سليمان الأشقر، رحمه الله
مِن كتاب "عالَم الجِن والشياطين" [ص44، 45].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق