26‏/02‏/2010

بمنتهى الهدوء..! لماذا تحتفل بالمولد..؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد،
 فأولاً: أحبتي في الله ،،،
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني أحبكم في الله، وأسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. (اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل فيه لأحد غيرك شيئًا)
 قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألته أم المؤمنين (زينب) رضي الله عنها: أنهلِك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم؛ إذا كثر الخبث" [متفق عليه].
 أحبتي في الله،،، إخوتي في الله،،،
{هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [إبراهيم:52].
فحين يرى الإنسان أمواج الفتن تتلاطم من حوله، لا يملك إلا أن يدعو الله تعالى أن يجعل لنا فرجًا ومخرجًا. (اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن)
 واليوم حين ننظر إلى الواقع الأليم للأمة، فإنني والله أخشى عليها من الهلاك، لذلك كان لابد من وقفة.. وقفة صريحة وصادقة.. وقفة حقيقية, لابد منها للإنقاذ قبل حلول الهلاك..
 نعم.. تعالوا.. لنقف هذه الوقفة.. لإنقاذ أمتنا..
وابتداءً فإنني وإن كنت أهتف فيكم اليوم مُستنقذًا أمتنا، إلا أنني أؤكد أن الأمة بخير.. أمتنا التي هي خير الأمم.. أمة منصورة.. أمة مرحومة.. أمة باقية لا تموت.
 ليس لأنني أقول ذلك، ولكن لأن الله جل جلاله وتبارك وتعالى هو الذي قال ذلك.. يقول ربي، وأحق القول قول ربي:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات].
 ولكني أدعوكم «لوقفة لإنقاذ الأمة» من كبوتها..
«وقفة»... لإنقاذ الأمة من عبث أبنائها..
«وقفة»... لتسترد الأمة مكانها في صدر أعدائها.. بعد أن هانت عند أخس أعدائها..
«وقفة»... لنستمطر الرحمات من الله رب السموات..
«وقفة»... لنستفتح أبواب السماوات لاستجابة الدعوات.
 وأقول «وقفة»... لأننا نعيش زمان السرعة.. زمان اللهث.. زمان الاستعجال، هذه الظاهرة السلوكية التي انتقلت عدواها إلى أسلوب تلقي الدين.. فصار التدين بأسلوب «السرعة»، وصار طلب العلم بأسلوب أكل الساندويتشات التي يُتسلى بها، لا كالطعام الذي يقيم الأود وينفع الجسم. والمتسرع في الطلب.. يتساهل في التلقي، فيأخذ الدين من أي أحد، حتى لو أتاه لسان الدعوة من جحر الضب..!
نعم أحبتي،،،
وأيضًا في زمان فتنة المال، والانشغال بملاحقة الغلاء، بمزيد من الانشغال بجمع المال.. لم يتفرغ (المستعجل) لاختيار المصدر الذي يأخذ منه دينه.. فصار يقلد الأكثرية.. ويسير أعمى وراء جهالات من لا يعرفهم.. ويقبل في دينه ما وافق هواه، وهو يعلم أن بعض الألسنة مستأجرة.. وإلى الله المشتكى.
 لذا.. فإنني أحتاج أن أدفع يدي بقوة.. وحب.. في صدر هذا العَجُول المنزلق.. لأقول له:
قف.. قف!
اهدأ..!   لا تلهث..!
لا تنزلق..! لا تقلد..!
لا تصرخ بما لا تعلم..!
لكي تفكر بهدوء.. إلى أين تريد؟.. ولم؟.. وكيف السبيل للذي تريد؟
 أحبتي ،،،
تعالوا كأول حلقة من هذه السلسلة.. «وقفات لإنقاذ الأمة» ننقذ أمتنا من

.. فتنة الاحتفالات البدعية بمولد سيد البرية..
بدعة الاحتفال بمولد سيدنا النبي، بأبي هو وأمي ونفسي صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وشرط هذه الوقفة: (الهدوء).. منتهى الهدوء.. التركيز.. التفاهم.. التفكير.. الإخلاص.
لأنها فتنة؛ تجد المفتون بهذه البدعة.. يغضب، ويتسرع في إلقاء التهم، فيقول: (أتقيمون احتفالات قومية.. واحتفالات للألعاب.. واحتفالات لمواليدكم!!! ..  ثم لا تقيمون احتفالاً لمولد النبي صلى الله عليه وسلم.. أنتم لا تحبون النبي!!!)
أعوذ بالله.. إن لم نحب النبي فمن نحب؟.. إن لم نحب الحبيب؟!! صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. فمن نحب؟ (اللهم إنا نسألك حبك، وحب نبيك، وحب من يحبك، وحب كل عمل صالح يقربنا إلى حبك)
حبيبي في الله ،،،
اهدأ.. لتفهم.. (فَهَّمني الله وإياك)
إن الشيطان يُشَامّ النفس، فإذا وجدها إلى الجفاء تميل فإنه يصرفها عن الاتباع: بتحكيم العقول على النصوص حتى تهوي في ظلمات العلمانية، وإنقاص قدر النبي صلى الله عليه وسلم، ومساواته بعموم البشر دون تشريفه بما شرفه خالقه جل جلاله به.  وإن وجدها تميل إلى العاطفة، فإنه يصرفها عن الاتباع بالإطراء والغلو والمبالغة، حتى تحيد عن سبيله صلى الله عليه وسلم بدعوى محبته صلى الله عليه وسلم.
فهل فهمت أيها المحب؟!.. كيف يمكُر الشيطان بمثلك لتحيد عن هدي رسول الله.. يا من تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
 تعال معي أيها الحبيب لنلقي نظرة كيف يحتفلون بالمولد:
·   اجتماعات لقراءة قصة المولد، وخطب وقصائد في مدحه صلى الله عليه وسلم!
·   حلوى المولد، وزينات على منارات المساجد، وحلقات للذكر (الحضرة)!
·   وربما زاد الأمر، فيصبح هذا الحفل مشتملاً على محرمات ومنكرات؛ من اختلاط الرجال بالنساء، والرقص على أنغام الموسيقى والغناء، أو أعمال شركية، كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك!
 وكل هذه - برغم مقاصدهم الطيبة بلا شك ولا ريب - بدع محرمة محدثة بعد القرون المُفضلة بأزمان طويلة.
 تعال نعود للهدوء.. أيها المحب:
 لماذا تحتفل بالمولد؟
 هل الاحتفال بالمولد تعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم؟
 إن قلت ذلك، فأقول لك: وهل ترك الله لنا كيف نُعظم رسوله صلى الله عليه وسلم؟ أم أنه أمرنا أن نحبه ونعظمه، وأرشدنا كذلك كيف نحبه ونعظمه؟
هل تستطيع أن تقول أنك تحبه وتعظمه أكثر من أبي بكر رضي الله عنه؟!
دعك من هذه الشبهة الواهية: أنّ الاحتفال تبرره المحبة والتعظيم.. أنت تعلم جيدا أنّ

حب النبي =
 تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع.

فلا تصدق من يقول لك: إن الله لما قال: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} لم يقل كيف تفرحوا!!
إنها كلمة شنيعة، آلله لم يقل لنا كيف؟!!.. آلله لم يقل لنا كيف؟!!
سبحان الملك.. جل جلال الله.. حاشاه سبحانه؛ قال موجباً على نفسه:
{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلآَخِرَةَ وَالأُولَى} [الليل: 12،13]
 أين إذن..
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31]..؟!،
هذه هي طريقة الفرح.. قال الحسن رحمه الله: إن قومًا ادّعوا محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية.
 يا مُحِب ،،،
·  إن الذي يأكل الحلاوة اليوم.. هو.. هو.. الذي سيأكل الرنجة والفسيخ غدًا..!
·  إنّ التاجر الذي يبيع علب الحلاوة، وأصنام المولد.. هو.. هو.. الذي يبيع القلوب الحمراء في عيد (فالنتينو) للحب..!
·  إنه تعظيم للبطون والجيوب، وليس تعظيمًا لسيد الصائمين الزاهدين صلى الله عليه وسلم.
 أما إن أردت أن تحبه حقًا، وتعظمه حقًا، وتتبعه حقًا، وتطيعه حقًا حتى تُحشر معه حقًا فإن للحب علامات، فمن علامات محبته صلى الله عليه وسلم:
·  كثرة ذكره والصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وسلم؛ قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "إذن يكفيك الله تبارك وتعالى همك من دنياك وآخرتك" [رواه الإمام أحمد].
·  اتباعه والاقتداء به وتنفيذ أوامره؛ قال تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران:31].
·  نشر سُنته ونصرة دينه؛ قال صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية" [متفق عليه].
· الزهد في الدنيا، مع كثرة التوبة والاستغفار والمداومة على ذلك؛ فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا - وفي رواية - كفافًا" [متفق عليه].
·  حب كل ما أحبه وكل من أحبه، وبغض كل ما يبغضه وكل من أبغضه صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ} [التوبة:120].
·  تعليم أولادنا سيرته، وتربيتهم على التأسي بهديه.. فنأكل مثله صلى الله عليه وسلم.. ونشرب مثله صلى الله عليه وسلم.. ونصلي مثله صلى الله عليه وسلم.. إلخ؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
 فإن قال قائل: إنها فرصة لتعريف الناس به وإحياء لذكراه صلى الله عليه وسلم.
 فإني أتساءل متعجبًا:
وهل في إقامة المولد إحياء لذكر النبي صلى الله عليه وسلم؟
 أبدًا والله.. وإن الأمة لتحتفل به منذ تلك القرون، ولم يزدد أكثر العوام بذلك إلا تركًا لسنته، وابتعادًا عن منهجه. وما أصيبت الأمة بالإساءة لنبيها بأنكى مما نعيشه اليوم رغم تكرار ذلك الاحتفال البطني.. الفوضوي.. البدعي.. السنوي.
 يا عقلك الناضج..!!  
أيقبِض اللهُ رسوله صلى الله عليه وسلم، دون أن يخبرنا كيف نحيي ذكره بيننا ؟!
إننا نذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم  في كل أذان وصلاة.. بل وفي كل مجلس؛ قال صلى الله عليه وسلم: " لا يجلس قوم مجلساً لا يصلون فيه على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب" [رواه النسائي، وصححه الألباني].  (اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين)
 فإن قيل لك: إن رسول الله احتفل بمولده..!
 فضع على هذه الشبهة (بلسم الشفاء).. ليرتاح قلبك وقل: (كيف؟)..
 كيف احتفل صلى الله عليه وسلم بمولده؟
بصوم يوم الاثنين.. حسنًا فلا تدع صومه ما استطعت.. وقد احتفلت واتبعت.
بهدوء ،،، أيها المحمدي ،،،
هل الاحتفال بذكرى المولد النبوي بدعة حسنة أحدثها ملك عادل عالم ،
قصد به التقرب إلى الله؟!
 أبدًا.. إنما نشأت ولا زالت لعبة سياسية، تداعب أهواء البسطاء فتلهيهم، فقيل إن أول من أحدثه الملك أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري، كما ذكره المؤرخون كابن كثير وابن خلكان وغيرهما.
 قال الحافظ بن كثير في البداية في ترجمة أبي سعيد كوكبوري: وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً...
 وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقًا [الجوق: الفرقة الموسيقية].
 وتبطل معايش الناس في تلك المدة، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم... إلى أن قال: فإذا كان قبل يوم المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئًا كثيرًا زائدًا عن الوصف، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي، حتى يأتي بها إلى الميدان... إلى أن قال: فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة. فهذا مبدأ حدوث الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد، حدث متأخرًا ومقترنًا باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات، وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان..
 ثم إن البدعة لا تقبل من أي أحد كان، فحسن القصد لا يسوغ العمل السيء، قال الإمام مالك رحمه الله: "من ابتدع في الدين بدعة يراها حسنة فقد افترى على رسول الله أنه خان الرسالة؛ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67]".

بمنتهى الهدوء..
 أريدك أن تفهم حديث "سنة حسنة" ولكن... كم تدفع؟
 (الدفع عندنا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. أنت تصلي عليه صلى الله عليه وسلم وأنا أشرح لك)
 عن جرير - رضي الله عنه - قال: كنا في صدر النهارعند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه قوم عراة، مجتابي العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر [يعني عليهم مظاهر الفقر]، فتمعر وجه رسول الله لما رأى بهم من الفاقة [يعني تأسف لحالهم حتى ظهر حزنه على وجهه بأبي هو وأمي.. صل عليه.. صلى الله عليه وسلم].
 فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ...}  إلى آخر الآية {.. إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، والآية التي في الحشر {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ...} [الحشر:18].
·         ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدق رجل من ديناره.. من درهمه.. من ثوبه.. من صاع بره.. من صاع تمره.."، حتى قال: "ولو بشق تمرة". [سجل في عقلك الآن: (1- رسول الله أمر)]
·  قال جرير رضي الله عنه: فجاء رجل من الأنصار بِصُرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت. [سجل عندك هنا: (2- بادر واحد بطاعة النبي قبل الناس)]
·  قال جرير رضي الله عنه: ثم تتابع الناس. [سجل عندك هنا: (3- تأسى الناس بالمبادر أولا)]

قال جرير رضي الله عنه: حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" ]رواه مسلم[.
 بأسلوب الرياضيات: من (1)، و(2)، و(3).. إذن:
الرجل الذي سنّ السنة الحسنة الأولى لم يُؤَلف دينًا، ولم يُضف جديدًا، إنما:
(1)   نفذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)   ثم تأسى به الناس.
(3)   فكان له أجرهم. نفذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل الناس.. ثم تأسى به الناس.. فكان له أجرهم.
أما لو أحدث جديدًا.. فإنه لا يدخل في السنة الحسنة، وإنما يدخل في السنة السيئة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ]متفق عليه[.
يا من تحب رسول الله ،،،
حبيبك صلى الله عليه وسلم ربط على بطنه الحجر والحجرين من الجوع لأجلك..
· فليس الحب بأن يتحول دينه إلى لعب ولهو وموالد.. قال تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [الأنعام:70].
· وليس الحب أن يتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحقيقة الناصعة.. إلى أسطورة خرافية.. يُغَنى له أغنية كقصة أدهم الشرقاوي.. وأبو زيد الهلالي سلامة.
 والله لو أن الأموال التي أنفقت على الحلوى و السرادقات، والزينات والحلويات، والراقصين والراقصات، لو أنها أنفقت على نصر السنة؛ لصار في كل بيت مسلم مجموعة كاملة لسنة النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
 ·  بالله عليك.. وأنت العاقل الهادئ المحب.. أيهما أنصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن تشتري علبة حلوى بعشرة جنيهات ...؟!
أم أن تشتري كتاب "رياض الصالحين" فيه 1500 حديث من أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو كتاب "الرحيق المختوم" في سيرة سيد المرسلين؟، أو شريط به أوامر النبي صلى الله عليه وسلم؟
 ·  بالله عليك.. وأنت الذي تتمنى لقاءه صلى الله عليه وسلم..
أيهما أحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم:
أن تقيم سرادقًا، وتصنع زفة تحته... بمئات أو آلاف الجنيهات؟!
أم تشتري بنفس الأموال 100 نسخة من "صحيح البخاري"، أو مئات الاسطوانات لتوزعها على المسلمين ليعرفوا سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؟
  إن هذه الأموال التي تُنفق بالآلاف.. ومئات الآلاف.. على مولد تخرج منه الأمة كل سنة بلا فائدة..
      نعم..
..تخرج الأمة من المولد بلا حمص..
· نريد أن تخرج هذه السنة بـ (حُمصة) معرفة النبي صلى الله عليه وسلم..
معرفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم..
· نريد أن تخرج الأمة هذه السنة وقد أحبت النبي حقيقة لا كلامًا، محبةً واتباعًا.
إنك حينما تزعم الحب لابد أن تُتبع الحب بالإتباع.
 حبيبي في الله ،،،
·  إن الاحتفال بالمولد الشريف بدعة حادثة ليس لها أصل في الدين.
·  إن المحتفلين بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم، نحسب أن دافعهم إلى ذلك حبه، لكن الحب الشكلي - أو حب الكلام - وحده لا يكفي؛ لابد من طاعته ولزوم هديه صلى الله عليه وسلم.. فهذا هو الحب الحقيقي.
·  دينك العظيم تمّ وكمُل بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما لم يكن في ذلك اليوم ولا غدًا ولا أبدًا دينًا وشرعًا، فلن يكون اليوم دينًا أو شرعًا.
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3].
 إذا حيرك الخلاف بين المتكلمين في الدين، فعليك بهذا العلاج الذي يمحو الحيرة وينسفها:
 قال صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرًا" [حدث.. أليس كذلك؟ ها هو ذا الذي تراه.. أنت تقرأ الآن أن الاحتفال بدعة وحرام، وهناك آخرون يقولون لك بل هو مستحب أو واجب!.. فماذا نفعل؟.. ماذا نفعل يا رسول الله؟..[ يقول صلى الله عليله وسلم: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " ]رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح[.
والله إنه لحديث يريح قلب الذي يريد الله ورسوله والدار الآخرة.. 
 فتُب إلى الله مما سبق وكان.. واثبت على الحق الذي جاءك الآن..
واسلك هدي رسول الله.. في حبك لرسول الله..
وإن خذلك الأكثرية.. فحسبك الله..
{وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116].
 وإلا فيا له من موقف.. أن تأتي يوم القيامة.. وفي رأسك زبيبة الصلاة.. وفي ركبتيك ورجليك ويديك علامات الوضوء.. تُقبل على الحوض فتطرد..! (والعياذ بالله)
- فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا الرجل من أمتي فيه أثر الصلاة والوضوء"..!
- فيُقال: لا ليس من أمتك؛ إنه لم يتبع سنتك إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك..!
- فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سحقًا.. سحقًا لمن بدل بعدي وغَيّر"..!

ويا من عوفيت من هذه الفتنة وعلمت أن احتفالات المولد بدعية محرمة:
·  أوصيك بالثبات على الإخلاص وإرادة الآخرة.. فلا تخذل رسول الله ولا سنتة لطمع في هدية بمناسبة المولد، ولا تجامل أبداً على حساب دينك.
·  أوصيك بحسن الخلق والرفق في دعوتك إلى الله، فإنك لا تدري لعل بعض الذين يحتفلون أن يكون أحب إلى الله منك، لأنه عذره لجهله ونظر لقلبك فمقتك لما رأى فيه العجب و الكبر وحب الظهور.
·  أوصيك بطلب العلم تحت أرجل العلماء، لتعزز دعوتك بالأدلة الصحيحة، وتثقل كلامك بالبصيرة النافذة.
 ختامًا،،، أحبتي في الله،،،
إن مأساة الإساءة إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، ينبغي أن تحفر في نفوس الأمة حزنًا وغيظًا، لا يبقى معه مكان لهزل أو لهو حتى تشفى صدورنا حين نأخذ بثأر جناب نبينا صلى الله عليه وسلم.
 أحبتي في الله،،، تلك كانت أول «وقفة لإنقاذ الأمة»..
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم خذ بيد أمة حبيبك إلى ما تحب وترضى، وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، و الحمد لله رب العالمين.

كتبه: فضيلة الشيخ محمد حُسين يعقوب

23‏/02‏/2010

دور الصوفية في إنحراف الأُمة عن حقيقة العبادة

ظهرت الصوفية في العصر العباسي لأسباب تاريخية منها ضعف الخلافة المركزية أو انحرافها، وانغماس الناس في الترف وانصرافهم عن الاهتمام بالدار الآخرة.. غير أن الانحراف قد أصاب الفرق الصوفية بدرجة تتناسب تناسباً عكسياً مع قربها من التمسك بالسُنة والاقتداء بالسلف الصالح.

وكان من الأخطاء الأساسية في الفكر الصوفي النظرة العدائية إلى الحياة الدنيا تلك التي يبدو أنها متأثرة بالفكر البوذي والفلسفة الإشراقية. وحدث أن "أقبل العامة بقيادة المتصوفين - على الطقوس والأوراد وأقبل الحُكام ومن في حواشيهم وركابهم على الشهوات والملذات! وهذا الخلط الصوفي الأحمق، يعتبر أول صدع أصاب التفكير الإسلامي في صميمه بل أول تصدع أصاب كيان الأمة الإسلامية - فيما بعد - بالانهيار (من كتاب الإسلام المفترى عليه، محمد الغزالي :68)" فقد نتج عن هذا الانفصام انحسار مفهوم العبادة في دائرة الشعائر والأذكار، بل في الحقيقة كان الالتزام بتلك النظرة يعني تعذر القيام ببعض أركان الإسلام لا سيما الزكاة .

والعبارة المنقولة عن بعض زعماء الصوفية عند سماع قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [سورة الأنبياء – الآية 21] وهي "ونحن ما بالنا نفتُر ؟!" تنُم في الواقع عن الجهل بحقيقة العبادة في الإسلام وغاية الوجود الإنساني على الأرض التي أوضحها القرآن الكريم تفصيلاً.

بعد أن كان المسلم - أياً كان عمله الدنيوي - يستشعر في قرارة نفسه أنه يعبد الله تعالى حتى وهو يكدح على عياله وحتى وهو يطلب العلم أو يُعَلِّمه وحتى وهو يجوب الأرض في طلب الرزق أو التعرف على المعمورة بلا انفصام أو ازدواجية، أصبح المُريد وقد انحصر مفهوم العبادة لديه في الصلوات والأذكار يجد مساحة كبيرة من حياته فارغة فيلجأ إلى الشيخ لتعبئة هذا الفراغ، وعندها يقوم الشيخ بتشريع ما لم يأذن الله به فيُكَلِّف المريد بحفظ المتون الطويلة من الأوراد لترديدها بآلاف التسبيحات، وأحياناً يُكلفه بالسياحة في الأرض بلا زاد ليُقوي يقينه ويصدُق في توكله !! وبذلك أدى انحسار مفهوم العبادة إلى انحراف العبادة نفسها واستقائها من غير مَعين الكتاب والسنة.

 ولندع الصوفية أنفسهم ولننظر إلى أثرهم المعنوي في الأمة، كان ضمير الفرد العادي من العامة يستشعر الحيرة والألم وهو يرى الناس فئتين: فئة صالحة تعمل للآخرة وتتقرب إلى الله بأنواع الطاعات والقُربات لكنها لا حظ لها من الدنيا، وبأخرى فاسقة عاصية مُقَصِّرة في حق الله تعالى تتمتع بملاذ الحياة ونعيمها، ولا يكاد يرى لهاتين ثالثة. ويبدو الخيار أمامه صعباً: أيكون مع الأولى فيقضي على نفسه بالحرمان والفاقة، أو ينضم إلى الثانية فيقع في المحارم.

ومعظم الأمة بطبيعة الحال لم ينقطعوا عن الدنيا لكنهم كانوا يعملون فيها والإحساس بالندم والذنب ينتابهم لأنهم يرون أنهم لا يعبدون الله حين يقومون بذلك وغاب عنهم أن ذلك جزء من الغاية العظمى التي خُلقوا لأجلها.

وكل هذه الانحرافات وقعت قبل احتكاك الغرب اللاديني بالشرق بل قبل قيام الدولة العثمانية.

وعندما سيطر العثمانيون ازداد الأمر سوءاً وتطورت الانحرافات حتى توهم الناس أن العبادة نفسها هي بالدرجة الأولى ما يأمر به المشايخ والأولياء من البِدَع، ووقعت الأُمة في شرك حقيقي بما كان السُذَّج والجهلة بل وبعض العلماء يمارسونه من بِدَع الأضرحة والمشاهد والمزارات وتقديس الموتى والاعتماد عليهم في جلب النفع ودفع الضرر، ووصل الأمر إلى حالة مُزرية جداً حين كانت جيوش المستعمرين تقتحم المدن الإسلامية والمسلمون يستصرخون السيد أو الولي الذي كان قد مضى على وفاته مئات السنين!
(مِن ذلك البيت المشهور :
            يا خائفين من التتر    لوذوا بقبر أبي عمر
            انظر ركائز الإيمان ص 338، وقصة العنز المقدسة، الجبرتي : 1/401-403).

وامتد البلاء إلى الأربطة والثغور التي بُنيت أساساً للجهاد ومقارعة الكفار إذ تحولت إلى زوايا وتكايا للصوفية وفي أحسن الأحوال أصبحت مدارس علمية صرفة لا أثر للتربية الجهادية فيها وحتى مناهجها التعليمية كانت متخلفة ومحدودة (انتشرت الزوايا على السواحل الإسلامية للبحر الأبيض وخاصة في الشمال الأفريقي، وقد أعادت الحركة السنوسية إليها الصبغة الجهادية فترة من الزمان).

كتبه: د. سفر الحوالي
من كِتاب: العلمانية، نشأتها وتطورها، وأثرها في الحياة الإسلامية المعاصرة – رسالة ماجيستير