26‏/06‏/2010

ضوابط اليُسْر في الإسلام

فقد تقرر أن بناء الشريعة في أصولها وأهدافها على اليُسر، وأن رفع الحرج من مقررات الشرع وقواعده. وإن لهذا اليُسر ضوابط، حرصْتُ على استقرائها مِن النصوص الشرعية وكلام أهل العِلم المحققين.

فضوابط اليُسر هي:

أولاً: أن يكون التيسير ثابتاً بالكتاب أوالسُّنَّة
إن اليسر في أحكام الشريعة الإسلامية، كغيره مِن الأمور، لا بد أن يكون ثابتاً بأحد الوحيين، حتى يتسنى للمسلمين العمل به واعتماده، لا أن يكون التيسير بحسب الهوى والتشهي، واستحسان العِباد واستقباحهم، فكل تيسير لا يستند إلى الكتاب والسنة فهو تيسير مُلغى مُطرح، لأن الشرع لا يثبت بمجرد الاستحسان العقلي دون التقيد بدليل.
كما ينبغي ألا يكون التيسير ناتجاً عن ضغط الواقه القائم في مجتمعاتنا المعاصرة، وهو واقع لم يصنعه الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه، ولم يصنعه المسلمون بإرادتهم وعقولهم وأيديهم إنما هو واقع صُنِعَ لهم، وفُرِضَ عليهم، في زمن غفلة وضعف وتفكك منهم، وزمن قوة وتمكن مِن عدوهم المستَعمِر، فلم  يملكوا أيامها أن يغيروه أو يتخلصوا منه، فليس معنى التيسير أن نحاول تسويغ هذا الواقع على ما فيه، وجر النصوص من تلابيبها لتأييده. (انظر: الفِقه الإسلامي للقرضاوي، ص43).

ثانياً: عدم مجاوزة النَّص في الأخذ بالتيسير
فلا يجوز الاستزادة في التخفيف والتيسير – لا كَمَّاً ولا كيفاً – على ما وَرَد به النَّص، فلا يجوز لمن يستيطع الصلاة جالساً أن يُصَّليها مستلقياً، كما لا يصح أن يُقال أن مشقة الحرب بالنسبة للجنود تقتضي وضع الصلاة عنهم، أو تأخيرها إلى القضاء فيما بعد، إنه كلما كان التمسك بالنص الشرعي والتزام الحكم المستفاد منه، كان ما يفيده من التيسير ورفع الحرج أبلغ.

ثالثاً: ألا يُعارِض التيسير نَصَّاً مِن الكتاب أو السُّنَّة
لا ريب أن الله تعالى أمر بتقديم كتابه وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم على ما عداهما، فقد قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة الأحزاب – الآية 1]، وأمر بالرد إليهما عند النزاع فقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [سورة النساء – الآية 59]، والكتاب والسُّنَّة – كما هو معلوم – هما المصدر الأساس لهذا الدين، وبقية الأدلة والنصوص الشرعية تابع لهما، فمتى حصل تعارض بينهما فإنه ينبغي المصير إلى الأخذ بالنص.
وقد قرر أهل العِلم قواعد فقهية مستلهَمَة مِن هذا الأصل، كقولهم: "لا اجتهاد مع النص" و"لا مساغ للجتهاد في مورد النص" (الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكُلِّية لمحمد صدقي البورنو، ص255) إلى غيرهما من القواعد.
غير أن بعض دُعَاة التطور والعَصرانية والتيسير لم يُفَرِّقوا بين مباديء الشريعة التي لا يعتريها التبدل والتغير، والفروع التي يمكن أن توصف بهذه الأوصاف، فأجروا على الشريعة ما لا يجري على القوانين الوضعية ذاتها، وحملوا النصوص على غير محملها، وجعلوا التيسير الموهوم والنفع المزعوم ضابطاً يتقلب مع الحُكم وجوداً وعدماً، وهذا افتئات على النصوص وتضييع لحق الله في التشريع.
ومِن ذلك: ما يزعمه البعض من التخفيف والإشفاق على المذنب المحكوم عليه بحد معين، مع أن الله تعالى قال: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [سورة النور – الآية 2].

رابعاً: أن يكون التيسير مُقَيَّداً بمقاصد الشريعة
ومعنى هذا الضابط أن اليُسر لا بد أن يكون داخلاً ضمن المقاصد التي جاء الشرع لتحقيقها.
فالشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح الخلق إثباتاً وإبقاءً، واليسر يجب أن ينطلق من الشرع، ويتقيد بقيوده، فلا التفات لتيسير يحكم به العقل وحده، بل لا بد أن يكون راجعاً إلى حفظ مقصود من مقاصد الشرع، فإذا ناقضه فليس بتيسير، وإن توهم متوهم أنه كذلك.

هذا ما تيسر من الضوابط الشرعية لليسر في الإسلام، إلا أنني أشير إلى أنه كما أن التيسير الغير منضبط مردود، فكذلك التعسير بلا دليل هو كذلك مردود، وقد انتقد العلماء وغَلَّطوا مَن فعل ذلك.

منقول باختصار؛
مِن كتاب: منهج التيسير المعاصر، دراسة تحليلية – رسالة ماجيستير قُدِّمَت لِقِسم الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
إعداد: عبد الله بن إبراهيم الطويل

17‏/06‏/2010

الشخصية الإسلامية

الشخصية السَّوِيَّة:
الشخصية الإسلامية هي الشخصية الإنسانية الوحيدة التي تُوسَم بأنها سوية، سوية في صفاتها وخصائصها، في آمالها وطبائعها، في مقاييسها وموازينها، هي الشخصية السوية التي لم تُمْسَخ فطرتها، ولم تُشَوَّه جبلتها، هي الشخصية الإنسانية السوية التي تسعى في هذا الكون لتكون الإنسان الذي شاءه خالق الكون ومُبدع الحياة وفاطر الإنسان.
وغيره يجري في الحياة مُنَكَّس القلب، مُشَوَّش الفِكر، لا يعرف طريقه ولا سبيله.

الشخصية الإسلامية الممسوخة:
وهذا لا يعني أن هؤلاء وأولئك الذين تسموا بالإسلام ولم يكن لهم من الدين إلا اسمه، ولا عرفوا من القرآن إلا رسمه، لا يعني أنهم يمثلون الشخصية الإسلامية، ذلك أن الشخصية الإسلامية هي التي تُمَثِّل الخصائص التي ينشئها الإسلام في نفس الإنسان، أما الذين يُنْسَبون إلى الإسلام، ويُقَوِّمون النفوس والعقول بمناهج البشر وعاداتهم فهؤلاء مسخ الشخصية الإسلامية، وإن تَزَيَّوا بزي العلماء، وتسموا بأسماء الزُّهاد والعُبَّاد، وزعموا أنهم الأولياء والأوتاد.
لقد مسخ أقوام - زعموا التصوف وآخرون هاموا بالتفلسف – الشخصية الإسلامية، فأصبحنا نرى أقواماً يزعمون الإسلام، ولا نرى عليهم من الإسلام إلا طبقة رقيقة سرعان ما تذوب وتتهاوى عندما تُبلى بالشدة واللأواء.

الشخصية الإسلامية عبر القرون:
ولقد تعرضت الشخصية الإسلامية عبر القرون إلى حملات آثمة غادرة، استهدفت إزالتها وتدميرها، كما استهدفت – إذ عجزت عن الإزالة والمحو – تشويهها ومسخها، وقاد هذه الحملة أعداء الإسلام بما ألقوه مِن شُبُهات، وبما جاؤوا به مِن فلسفات وثقافات، أرادوا أن يُزاحموا بها الإسلام في نُفُوس المسلمين، وبذلك لا يستقل الإسلام ببناء الإنسان، ولا يكون هو المسلم الحق الذي يريده الله، ولقد شُوِّهَت عقائد الإسلام وتصوراته، وخالط العقيدة عِلم الكلام والفلسفة، وزعم أقوام أنهم يستمدون عِلمهم من تجليات قلبية، وإلهامات وسُبُحات، أنزلوها منزلة الوحي، واختلطت على المسلمين السُّبُل، واحتار كثير من السالكين، وكثُر الزاعمون بأنهم وحدهم على الحق المبين، وأن غيرهم على الضلال، وماجت الحياة الإسلامية بفِرَق كثيرة جعلت بأسها بينها، ورمى بعضُها بعضاً بالمروق من الدين، والكُفر بالله رب العالمين.

الشخصية الإسلامية اليوم:
الشخصية الإسلامية اليوم تُمَثِّل في ذاتها ذلك التُّراث الذي ورثته عن الآباء والأجداد عبر قرون طويلة، وهو تراثٌ ضخمٌ شارك في إيجاده اتجاهات مختلفة بعضها لا يُريد بالإسلام وأهله خيراً، أضِف إلى هذاأن الصراع اليوم متجه إلى امتلاك فِكر الإنسان والتأثير على تصوراته وعقائده، وللدول الكبرى والمذاهب المختلفة في هذا الباب غرامٌ شديد، ومِن أجله سَخَّرَت إذاعاتها وصُحُفِها وبرامجها، وإليه وَجَّهَت الكُتَّاب وأصحاب الفِكْر والممثلين، وأنفقت في سبيل ذلك أموالاً تكفي لإثراء الفقراء، وإزالة أسباب التعاسة، ومحاربة المرض والجهل، ولكن الإنسان يحرص على بث فكره وحمل الناس عليه ودعوتهم إليه حِرصاً يصْغُر أمامه – أحياناً – بذل نفسه إضافةً إلى ماله، وصدق الله إذ يقول: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة الأنعام – الآية 108].

بِناء الشخصية الإسلامية من جديد:
إذا كان الأمر كذلك، وكانت الشخصية الإسلامية لا تُمَثِّل اليوم الشخصية الإسلامية الحَقَّة – إلا من رَحِم الله – كان لِزاماً أن نعود من جديد لبناء شخصية إسلامية واضحة المعالم، بَيِّنَة الخصائص، كتلك الشخصية التي تمثلت في الرُسُل والأنبياء والصحابى الكِرام والأئمة الأعلام.
ونحن في هذا يجب أن تعتمد على المصادر التي اعتمدها سلفُنا وأئمتُنا في تكوين الشخصية الإسلامية، وتلك المصادر هي الكتاب والسُّنَّة ففيهما الغِناء، إلا أن الذي أعان على تكوين الشخصية الإسلامية مِن الكِتاب والسُّنَّة رؤية الإسلام متمثلاً في شخصية إنسان تمثيلاً عملياً، هو الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تمثل جيل بأكمله هو جيل الأصحاب، ثم أصبح واقعاً ومجتَمَعاً، وبذلك سَهُلَ بناء الشخصية الإسلامية حيث ترى المُثُل الإسلامية واقعاً مُشاهداً، وحيث الجو الإسلامي الذي ينشر عطره ونوره وهَدْيه، وبذلك يتنفس المسلم في جوِّ الإسلام.


كتبه: أ.د. عُمَر سُلَيمان الأَشْقَر - كلية الشريعة، الجامعة الأردنية
من كِتاب "مَعَالِم الشَّخْصِيَة الإسْلامِيَة" – دار النفائس.

08‏/06‏/2010

التحذير من الدعوة إلى وحدة الأديان

إن الدعوة إلى هذه النظرية الثلاثية، تحت أي من هذه الشعارات، إلى توحيد دين الإسلام الحق الناسخ لما قبله من الشرائع، وما عليه اليهود والنصارى من دين دائر كل منهما بين النسخ والتحريف، هي أكبر مكيدة عُرِفت لمواجهة الإسلام والمسلمين اجتمعت عليها كلمة اليهود والنصارى بجامع عِلتهم المشتركة: "بُغض الإسلام والمسلمين". وغلفوها بأطباق من الشعارات اللامعة، وهي كذبة خادعة ذات مصير مروع مخوف.
فهي في حُكم الإسلام: دعوة بدعية، ضالَّة كُفرية، خطة مأثم لهم، ودعوة لهم إلى ردة شاملة عن الإسلام؛ لأنها تصطدم مع بدهيات الاعتقاد، وتنتهك حرمة الرُّسل والرسالات، وتبطل صدق القرآن، ونَسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نَسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع، وتبطل ختم النبوة والرسالة بمحمد عليه الصلاة والسلام، فهي نظرية مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من كتاب وسُنَّة وإجماع، وما ينطوي على ذلك من دليل وبرهان.
لهذا لا يجوز لمسلم، يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، الاستجابة لها، ولا الدخول في مؤتمراتها وندواتها واجتماعاتها وجمعياتها، ولا الانتماء إلى محافلها، بل يجب نبذها ومنابذتها والحذر منها والتحذير من عواقبها، واحتساب الطعن فيها والتنفير منها وإظهار الرفض لها، وطردها عن ديار المسلمين، وعزلها عن شعورهم ومشاعرهم، والقضاء عليها ونفيها، وتغريبها إلى غربها، وحجرها في صدر قائلها، ويجب على الولي المسلم إقامة حد الردة على أصحابها بعد وجود أسبابها وانتفاء موانعها، حمايةً للدين وردعاً للعابثين، وطاعةً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وإقامةً للشرع المطهر.
وأن هذه الفكرة إن حظيت بقبول من يهود ونصارى، فهم جديرون بذلك؛ لأنهم لا يستندون إلى شرع مُنَزَّل مؤبد، بل دينهم إما باطلٌ محرف، وإما حقٌ منسوخ بالإسلام، أما المسلمون فلا والله، لا يجوز لهم الانتماء إلى هذه الفكرة؛ لانتمائهم إلى شرع مُنَزَّل مؤبد كله حق وصدق وعدل ورحمة.
وليعلم كل مسلم عن حقيقة هذه الدعوة: أنها فلسفية النزعة، سياسية النشأة، إلحادية الغاية (انظر كتاب: "الإيمان" لعثمان عبد القادر الصافي ص114) تبرز في لباس جديد لأخذ ثأرهم من المسلمين: عقيدةً وأرضاً ومُلكاً' فهي تستهدف الإسلام والمسلمين في:
1. إيجاد مرحلة التشويش على الإسلام، والبلبلة في المسلمين، وشحنهم بسيل من الشبهات والشهوات؛ ليعيش المسلم بين نفس نافرة ونفس حاضرة.
2. قَصْر المد الإسلامي واحتوائه.
3. تأتي على الإسلام من القواعد، مستهدفة إبرام القضاء على الإسلام واندراسه، ووهن المسلمين، ونزع الإسلام من قلوبهم ووأده.
4. حل الرابطة الإسلامية بين العالم العلام الإسلامي في شتى بقاعه؛ لإحلال الأخوة البديلة اللعينة: "أخوة اليهود والنصارى".
5. كف أقلام المسلمين وألسنتهم، عن تكفير اليهود والنصارى وغيرهم ممن كَفَّرَهُم اللهُ وكَفَّرَهُم رسوله صلى الله عليه وسلم إن لم يؤمنوا بهذا الإسلام ويتركوا ما سواه من الأديان.
6. وتستهدف إبطال أحكام الإسلام المفروضة على المسلمين أمام الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم من أمم الكفر ممن لم يؤمن بهذا الإسلام ويترك ما سواه من الأديان.
7. وتستهدف كف المسلمين عن ذروة سنام الإسلام: الجهاد في سبيل الله.
8. وتستهدف هدم قاعدة الإسلام وأصله: "الولاء والبراء" و"الحب والبغض في الله"، فترمي هذه النظرية الماكرة إلى كسر حاجز براءة المسلمين من الكافرين، وومفاصلتهم، والتَدَيُّن بإعلان بغضهم وعداوتهم، والبُعْد عن موالاتهم وتوليهم، وموادتهم وصداقتهم.
9. وتستهدف صياغة الفِكر بروح العداء للدين في ثوب وحدة الأديان، وتفسيخ العالم الإسلامي من ديانته، وعزل شريعته في القرآن والسُّنَّة عن الحياة، حينئذ يسهل تسريحه في مجاهل الفِكر، والأخلاقيات الهدامة، مُفَرَّغاً من كل مقوماته، فلا يترشح لقيادة أو سيادة، وجَعْل المسلم في محطة التلقي لما يُملى عليه من أعدائه وأعداء دينه، وحينئذٍ يَصِلون إلى خِسة الغاية: القفز إلى السلطة العالمية بلا مقاوم.
10.                  وتستهدف إسقاط جوهر الإسلام، واستعلائه وظهوره وتميزه، بجَعْل دين الإسلام المُحْكَم المحفوظ مِن التحريف والتبديل، في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين مُحَرَّف منسوخ، بل مع العقائد الوثنية الأخرى.
11.                  وترمي إلى تمهيد السبيل: "للتبشير بالتنصير" والتقديم لذلك بكسر الحواجز لدى المسلمين، وإخماد توقعات المقاومة من المسلمين، لسبق تعبئتهم بالاسترخاء والتبلد.
12.                  ثم غاية الغايات: بسط جناح الكفرة من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم على العالم بأسرِه والتهامه، وعلى العالم الإسلامي بخاصة، وعلى الشرق الأوسط بوجه خاص، وعلى قلب العالم الإسلامي وعاصمته: "الجزيرة العربية" بوجه أخص، في أقوى مخطط تتكالب فيه أمم الكفر وتتحرك من خلاله لغزوٍ شامل ضد الإسلام والمسلمين بشتى أنواع النفوذ: الفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي، وإقامة سوق مشترك لا تحكمه شريعة الإسلام، ولا سَمْع فيه ولا طاعة لخُلُق فاضل ولا فضيلة ولا كسب حلال، فيفشو الربا وتنتشر المفسدات، وتُدَجَّن الضمائر والعقول، وتشتد القوى الخبيثة ضد أي فطرة سليمة وشريعة مستقيمة.
هذا بعض ما تستهدفه هذه النظرية الآثمة، وإن من شدة الابتلاء أن يستقبل نزرٌ من المسلمين ولفيفٌ من المنتسبين إلى الإسلام هذه النظرية ويركضوا وراءها إلى ما يُعقد لها من مؤتمرات ونحوها، وتعلو أصواتهم بها، مُسابقين هؤلاء الكفرة إلى دعوتهم الفاجرة وخطتهم الماكرة، حتى فاه بعض المنتسبين إلى الإسلام بفكرته الآثمة: "إصدار كتاب يجمع بين دفتيه: القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل".

كتبه: فضيلة الشيخ د. بكر أبو زيد، رحمه الله
الرئيس السابق لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقـًا.
مِن كتاب: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان