28‏/11‏/2011

أمانة نَحملها ونُحمِّلها لمرشحي التيار الإسلامي في انتخابات مجلس الشعب


الحمد لله، والصلاة والسام على رسول الله،

أما بعد؛

فإن الإسلام دين ودولة؛ إذ إن للإسلام شريعته التي تمتد أحكامها إلى شتى جوانب الحياة المختلفة بما فيها الجانب السياسي؛ إذ لا يخلو جانب من جوانب الدولة في الإسلام -ومنها: السياسي- من أحكام شرعية تتعلق به، ويلزم المسلمون العمل به، وتطبيق هذه الأحكام في هذه الجوانب المختلفة من فروض الكفايات على الأمة والتي إذا لم تقم بها؛ أثم الجميع، ويشمل الوزر كل الأمة، فيأثم كل من كان قادرًا على تطبيق هذه الأحكام فلم يطبقها، ويأثم -أيضًا- من لم يكن قادرًا على تنفيذها، ولكنه لم يأمر القادر على ذلك، ولم يحثه حثًّا على تطبيقها ويعينه على ذلك بما استطاع.



والآيات القرآنية المتعلقة بوجوب العمل بأحكام الشريعة في جوانب كثيرة لا يتسع المقام لتناولها، وكثرتها دليل أهمية قضيتها، فهي قضية عقائدية قبل أن تكون متعلقة بأحكام فقهية، ومن هذه الآيات: ما كان نزوله في مكة قبل الهجرة تخبر المسلمين بأن الحكم لله -تعالى-، وأن على المسلم الخضوع والانقياد لأحكامه -عز وجل-، وذلك قبل قيام الدولة الإسلامية في المدينة وظهور المجتمع المسلم بها، فجاءت لتكون آيات تهدف إلى بناء الجانب العقائدي في فكر ونفس الشخصية المسلمة من بدء تكوينها؛ إذ أن إعداد المسلم وبنائه مقدم على بناء الدولة، وبناء الدولة يقوم على ما تم بناؤه في المسلم، وإذا أقام المسلمون دولة الإسلام في قلوبهم وأعمالهم؛ سهل عليهم بناء دولة الإسلام على أرضهم.

فمن الآيات القرآنية المتعلقة بوجوب التحاكم إلى الله -عز وجل- ونزلت بمكة: قوله -تعالى-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:40)، وقوله -تعالى-: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) (الكهف:26)، وقوله -تعالى-: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) (الشورى:10)، وقوله -تعالى-: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (الرعد:41(.



ثم جاءت الآيات القرآنية في العهد المدني وبعد قيام المجتمع المسلم تؤكد هذا المعنى في المواقف المختلفة؛ ليستقر في النفوس، فلا تتردد لحظة في الأخذ به والعمل بمقتضاه، قال -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65)، وقوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا) (الأحزاب:36)، وقال -تعالى-: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:49-50)، وقال -تعالى-: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44(.

وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً . أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا) (النساء:59-60)، والآيات في هذا المعنى عديدة.



وها نحن على أعتاب إعادة بناء مصر ما بعد الثورة، ووضع دستور جديد لها، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية اختيار المرشحين لمجلس الشعب القادم، والذي سيتم انتخاب أعضائه هذه الأيام؛ إذ إنه مجلس يؤسس لنا الدولة ودستورها.



لقد كان من مكاسب "الصحوة الإسلامية" فيما مضى أن أضيف في أوائل الثمانينيات لدستور 71 الدائم من خلال تعديله مادة تقرر أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، ولكن هذه المادة لم تفعل خلال عقود الاستبداد الماضية صدًّا عن سبيل الله، ولقد كان من دأب دعاة "الدعوة السلفية" وشغلهم الشاغل بيان وجوب التحاكم إلى شرع الله والتحذير من عاقبة الحكم بغير ما أنزل الله على الأمة مما نبه الناس -بحمد الله تعالى- إلى أهمية هذه القضية وازدياد وعيهم بها.

والآن وقد زال -بحمد الله- حكم أولئك الذين كانوا يحولون بين الشريعة وتطبيقها فلم يبق لتطبيقها في حياتنا إلا أن تظهر جماهير الأمة رغبتها الأكيدة وإرادتها القوية وإصرارها الشديد على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والنص في دستور الأمة القادم على تحكيم شرع الله -تعالى- وتفعيل ذلك.

وبداية هذا الطريق من خلال صناديق الانتخاب، واختيار مشرحي التيار الإسلامي الحريصين كل الحرص على القيام بذلك وتنفيذه.



إن التحاكم إلى الشريعة الإسلامية ليس أمرًا اختياريًّا، بل هو واجب شرعي الأمة ملزمة به، ويجب الأخذ بالأسباب الموصلة إلى تحقيقه، والتقاعس عن الأخذ بهذه الأسباب يؤدي -لا قدر الله- إلى ضياع فرصة متاحة لتحقيق هذا الواجب، ويترتب على ضياع هذه الفرصة تعطيل وتأجيل التطبيق المرجو للشريعة إلى عقود أو أجيال قادمة، وسيتخذ أعداء تطبيق الشريعة من تهاون الجماهير في اختيار ممثليهم من التيار الإسلامي الساعين لتطبيق الشريعة ذريعة يدعون بها أن الشعب يرفض تطبيق الشريعة، وهو ادعاء يعلم الجميع زيفه وبطلانه، ولكن لا مجال لإثبات زيفه وبطلانه خلال هذه الانتخابات إلا باختيار من يحرص كل الحرص على التأكيد على الأخذ بأحكام الشريعة في دستورنا القادم.



إن اختيار ممثلي التيار الإسلامي في هذه الانتخابات هو اختيار لتطبيق الشريعة أكثر منه اختيارًا لهؤلاء المرشحين، وعلى هؤلاء المرشحين من التيار الإسلامي الذين ستختارهم الأمة أن يعلموا أن هذا الاختيار ليس فوزًا شخصيًّا لهم، ولكنه انتصار لتطبيق الشريعة؛ لذا فهي أمانة تحملهم إياها جموع الأمة فلا يقصروا في أدائها كما تتمناها الجماهير التي اختارتهم.



ولله الأمر من قبل ومن بعد.



وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.



كتبه: علاء بكر

موقع أنا السلفي
 


16‏/11‏/2011

البيان الختامي للمؤتمر الرابع للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله صحبه أجمعين، أما بعد:
فقد انعقد المؤتمر الرابع للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر في يوم السبت 16 ذي الحجة 1432هـ الموافق 12 نوفمبر 2011م ، وذلك بعنوان: "نحو انتخابات نزيهة".

وبعد عدة كلمات شارك بها أعضاء الهيئة الشرعية حول موضوع المؤتمر أصدر المؤتمرون إلى الأمة المصرية البيان التالي:

أولًا: تمثل أول انتخابات برلمانية بعد الثورة المصرية فرصة عظيمة لتظهر القوى السياسية وجموع الناخبين لأمتنا والعالم بأسره كيف تكون الممارسة السياسية راقية وشريفة بمراعاة آداب الإسلام وأخلاقه وشرعه.

ثانيًا: تعتبر المشاركة الجماهيرية في انتخابات مجلسي الشعب والشورى استكمالًا حقيقيًّا للثورة المصرية، وإنقاذًا متوجبًا لها، وعملًا مهما في تطهير الحياة السياسية.

ثالثًا: بيع وشراء الأصوات الانتخابية أمر محرم، والمال المأخوذ على ذلك سحت لا يحل بحال، ويعتبر هذا العمل خيانة للأمانة، وإهدارًا للكرامة، وتزويرًا لإرادة الأمة، ورشوة منكرة، والراشي والمرتشي كلاهما ملعون والعياذ بالله.

رابعًا: يدعو المؤتمر جموع الناخبين لانتخاب الأصلح دينًا وخلقًا وأمانة وانتماء إلى الوطن، وتحقيقًا للمصالح العليا للبلاد والعباد.

خامسًا: المشاركة بإدلاء الأصوات إيجابية محمودة تكثر الخير، وتحقق الآمال، وتنجز المصالح الوطنية، وتقي البلاد والعباد شر الفساد والاستبداد.

سادسًا: على مختلف الأفراد والأحزاب والقوى الوطنية مسئولية كبرى في إنجاح عملية الانتخابات وتأمين سيرها بشكل طبيعي يفضي إلى تقديم أنموذج وطني حضاري مشرف.

سابعًا: الدعاية الانتخابية وسيلة لمقصد مشروع من إقامة الحياة المصرية وبناء نهضتها المعاصرة على أساس من دينها الحنيف؛ فلا بد للغاية الشريفة من وسيلة شريفة؛ فلا يجوز تجريح أو كذب أو بهتان أو شائعات مغرضة أو معاملات لا أخلاقية.

ثامنًا: يتعين التنسيق والتنازل بين الإسلاميين في المقاعد الفردية في حال خوف تشتت الأصوات وتفرقها بما يضعف فرصتهم ويضر بالمصالح العليا للوطن، وكلٌّ مسئول عن واجبه في هذا الصدد.

تاسعًا: يجب على الإعلاميين الشرفاء أن ينحازوا إلى ثوابتهم الأخلاقية والوطنية وأن يُظهروا للأمة جميعًا حيادية موضوعية محمودة، وألّا تتحول المنابر الإعلامية إلى وسائل للتأثير السلبي على الرأي العام.

عاشرًا: على جموع الجماهير أن تتفطن لأغراض إعلامية مشبوهة وأبواق وأقلام مأجورة.

حادي عشر: على جماهير مصر الواعية أن تستقي أخبار وتقارير الحملات الانتخابية من الوسائل الإعلامية التي تلتزم الصدق والموضوعية.

ثاني عشر: تطالب الهيئة الشرعية المجلس العسكري الحاكم بتحديد موعد نهائي لانتخابات الرئاسة وتسليم السلطة لمدنيين، وألا يتسببوا في التشكيك بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم بأي شكل من الأشكال.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق أمتنا لما فيه خيرها وصلاح أمرها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

السبت 16 ذي الحجة 1432 هـ / 12 نوفمبر 2011
                                          

رئيس الهيئة الشرعية
أ.د. علي السالوس

النائب الأول
أ.د. طلعت عفيفي

النائب الثاني
أ.د. محمد عبد المقصود

النائب الثالث
فضيلة الشيخ محمد حسان

الأمين العام للهيئة الشرعية
د. محمد يسري إبراهيم


11‏/11‏/2011

بيان من الهيئة الشرعية عن كيفية اختيار المرشح وآداب الناخبين فـي تـرشيحات مجلس الشعب والشورى


الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛

ففي هذه الآونة تستعد جماهير المصريين للمشاركة في الانتخابات التشريعية والشورية؛ والمزمع عقدها في 28/11/2011م الموافق 3/1/1433هـ  وتنبيهًا للناخبين وتذكيرًا بكيفية وآداب اختيار المرشحين أصدرت الهيئة الشرعية البيان التالي:



أولاً: أيها الناخب أصلح نيتك قبل الإدلاء بصوتك؛ فأنت ترجو بهذا الترشيح أن تدفع مسيرة نصرة الشريعة الإسلامية، وتـعـديـل الدستور، وتنقية القوانين المصادمة للدين، وتحقيق الخير للمصريين وفي الحديث الشريف "إنما الأعمال بالنيات"، والأمور بمقاصدها.



ثانيًا: المشاركة بإدلاء الصوت إيجابية محمودة تكثِّر الخير وتقلِّل الشر، وتحقق مصالح الوطن وتجنبه كثيرًا من مفاسد العهود السابقة، فاحرص على المشاركة وادع غيرك رجالاً ونساءاً إليها.



ثالثًا: اجتهد وسْعك في أن تعطي صوتك لمن يتقي الله تعالى، ويكون أهــلاً لحمل الرسالة وأداء الأمانة، ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [سورة القصص – الآية 26].



رابعًا: صوتك شهادة للمرشح الذي تختاره؛ فلا تشهد لأحدٍ إلا بعلم، فيتعين عليك أن تعطي صوتك لأفضل مـرشـح فـي دائـرتـك، "وخـيـر الـنـاس أنفعهم للناس".



خامسًا: لا تبع صوتك لمن يدفع مقابلاً ماديًا أو عينيًا؛ فإن في ذلك خيانـًة لـوطنك، وإهداراً لكرامتك، وعودةً إلى عهود الفساد.



سادسًا: لا تشارك في أعمال أو أقوال غير مشروعة، سواء في جانب الدعاية لمرشح ترتضيه، أو جانب الـقـدح في مـرشـح لا تفـضلـه، ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [سورة الأنعام – الآية 152].



سابعًا : عند تعدد مرشحي التيار الإسلامي دقق في البحث عن مصلحة الأمة بعيدًا عن اعتبارات حزبية أو شخصية، وقم بواجبك في جمع الكلمة على مرشح واحد حتى لاتتفتت الأصوات.



ثامنًا: تجنب انتخاب من أفسدوا الحياة السياسية المصرية، وكانوا مشايعين للظلم والطغيان، وكل من يعرف بممارساتٍ مكروهةٍ أو أعمالٍ مشبوهة.



تاسعًا: قم بواجبك في حماية هذه الانتخابات وتأمينها، وكن إيجابيًا في رصد المخالفات والإبلاغ عنها خلال المسيرة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، وتعاون مع رجال القضاء والشرطة في نجاح هذه الانتخابات.



عاشرًا: في يوم الانتخابات أظهر نبْل معدنك وكريم أخلاقك بالصبر والتؤدة، والالتزام بالدور والانضباط، والحرص على النظام والشفافية، واتبع توجيهات اللجنة العليا للانتخابات.



نسأل الله أن يوفق شعبنا في الانتخابات القادمة لتقديم أنموذج وطني حضاري يحتذى، وأن يولي علينا خيارنا، إنه جواد كريم.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،



الخميس 7 ذي الحجة 1432 هـ / 3 نوفمبر 2011

                                          



رئيس الهيئة الشرعية

أ.د. علي السالوس



النائب الأول

أ.د. طلعت عفيفي



النائب الثاني

أ.د. محمد عبد المقصود



النائب الثالث

فضيلة الشيخ محمد حسان



الأمين العام للهيئة الشرعية

د. محمد يسري إبراهيم


07‏/11‏/2011

مسكوت عنه في القضية القبطية‎


بعض المحللين والصحفين يتحدث عن نصارى مصر وكأنهم فصيل واحد متماسك، وهذا غير صحيح، فالنصارى في مصر عددٌ من الملل. كل واحدةٍ منها لا تؤمن بالأخرى، أو يكفر أحدهم إن ارتحل من ملَّةٍ لأخرى من ملل النصارى الموجودة في مصر.

وليس هذا فقط بل في الساحة النصرانية المصرية تجد في داخل الملة الواحدة عدداً من الملل، التي يُكَفِّرُ بعضها بعضاً. وليس هذا فقط بل: وفي داخل كل فصيل من هذا التقسيم تجد حالة من عدم الرضا والقلق والاضطراب والانشقاق المستمر.!!

وحتى يتضح المقال نضرب الأمثال، وليكن بما اشتهر عند الناس من هذه الملل، وهي ملة “الأرثوذكسية” والتي تبدو في عين بعضهم متماسكة :
الأرثوذكسية في مصر لها ثلاثة كنائس رئيسية، أرثوذكس رومان، يتبعون الكنيسة اليونانية(وهي امتداد للكنيسة الأرثوذكسية الأصلية المعرفة قديمة بالبيزنطية أو اليونانية، أو الكنيسة الشرقية)، وأرثوذكس مصريين، يتبعون كنيسة الأسكندرية التي يتزعمها شنودة الثالث، وكنيسة الأرثوذكس الأمريكان يتبعون الأنبا ماكسيموس الأول، وتسمى ـ عند أهلها بـ” الكنيسة القبطية الحقيقية” أو”كنيسة القديس أثناسيوس الرسولي”.

وكنيسة ماكسيموس الأول انشقاقٌ على كنيسة شنودة الثالث، انشق ماكسيموس ثم استجلب شرعية من كنيسة أخرى أرثوذكسية منشقة في أمريكا.
وفي الأفق بوادر تأسيس كنيسة أخرى منشقة على كنيسة الأنبا شنودة، والتي بدورها منشقة على الكنيسة الشرقية، إذ يهدد الآن مرقص عزيز بالانشقاق عن الكنيسة وتأسيس كنيسة أخرى أرثوذكسية قبطية في أمريكا. وقبلهما انشقت كنائس كانت تابعة لكنيسة الأسكندرية في الجنوب (أثيوبيا، وإريتريا)، والشمال (أوروبا)، والشرق (الشام والعراق).

وتتواجد تحركات فكرية تنبئ عن انشقاقات قريبة في الساحة القبطية، مثل حركة التكفير للكنيسة التي يتزعمها أستاذ اللاهوت جورج حبيب بباوي، وغير قيلٍ من أولئك الذين يتحدثون بما خطَّ الأنبا “متى المسكين” في كتاباته.

والمتتبع لآليات الانشقاق داخل الأرثوذكس المصريين (أتباع شنودة الثالث) يجد أن بعضها راجع لما يسميه خروج عن العقيدة الأرثوذكسية، وهذا كثير، ومن إفرازاته ماكسيموس الأول، فقد كان من الكهنة التابعين لشنودة ثم أحدث شغباً علمياً ففصلوه، فسافر لأمريكا واستجلب شرعية من هناك. والدكتور جورج حبيب بباوي إفراز لخلافات عقدية أيضاً، ويتحدث بأن هؤلاء خارجون عن الكنيسة الأرثوذكسية (مرتدون)، وحديثه مُدعَّم بالأدلة والاستقراء الموسع في كتابات آباء الكنيسة”.
ودون هذا وذاك يكثر الحديث عن “البدع المكفرة”، كبدعة “الخلاص اللحظي” التي رُمي بها زكريا بطرس.

والمتتبع لآليات الانشقاق داخل الأرثوذكس المصريين (أتباع شنودة الثالث) يجد أن بعضاً منها يرجع لأمور “حركية”، أو يقوم به “حركيون” لا علاقة لهم بالناحية العلمية، ينشقون عن الكنيسة بناء على مواقف تتخذها الكنيسة لا على عقيدة تعتقدها الكنيسة، وهذا النوع من الانشقاق جديد، ويترأسه الآن القمص المتطرف “مرقص عزيز” فقد جاهر من قريب أنه يريد الخروج من الكنيسة كلية، وتأسيس كنيسة جديدة تضم أقباط المهجر، يقول: كنيسة لا تتنازل عن قضايا الأقباط !!

فالانشقاقات متتالية، ومستمرة، مع الأخذ في الاعتبار أنهم مشغولون الآن بقضايا كلية من المفترض أن تجمعهم ولا تفرقهم، كالتعاون المشترك بينهم على إقامة كنيسة الرب على أرض مصر”، وطرد “الضيوف”. ومع الأخذ في الاعتبار أنهم مدعومون بالخارج كله، بعد مؤتمرات التنصير العالمية في نهاية الستينيات ومنتصف السبعينيات الماضية.

والانشقاقات ليست فقط بين القائمين على الناحية العقدية والحركية في الكنيسة وإنما أيضاً العامة “شعب الكنيسة”، يمور كالقدر حين يغلي. توجد حالة احتقان بداخل المجتمع النصراني، لغير قليلٍ من الأسباب على رأسها قضية الطلاق، فبعض الباحثين النصارى يتحدث عن نصف مليون أسرة تقف على أبواب الكنائس والمحاكم تصرخ مما أصابها من غمٍّ وهم بسبب “التشدد” في قضية الطلاق، وتحريم ما كان قد أحلَّ لهم الذين كانوا من قبل. وقد تجرأ نفر من هؤلاء وحاصروا الكنيسة واشتبكوا مع بعض “المقدسين”.

فكأني غداً بانفجارٍ يحصل في الداخل النصراني، من عامة الناس، على غرار ثورة 25يناير يطيح بالكنيسة الحالية، وإن لم يحدث ، فسيخرج من بين الآباء الموجودين من يخطب ود هؤلاء، ويحدث إنشقاقاً جديداً في الصف الأرثوذكسي التابع لشنودة الثالث؛ ولعل ماكسيموس كان أحدهم، فقد قضى أعواماً يتحرك بين الشباب ـ كما يحكي هو ـ حتى جمع غير قليل من الغاضبين ثم أسس بهم عدداً من الكنائس بعد أن جلب “شرعية” من الخارج. فغداً يتكرر النموذج، بل قد يحدث طوفان يقتلع رؤوس الكنيسة الآن، على غرار ثورة 25 يناير، وربما نرى “ميدان تحرير” داخل كاتدرائية هنا أو هناك. لا أستبعد هذا أبداً.

المقصود أن الانشقاقات داخل الكنيسة النصرانية كثيرة وعلى محاور عدة، ويسعنا أن نقول أن الصف النصراني في حالة انشطار دائم، وفي حالة تناحر فكري، وحركي، وتصدع اجتماعي. وهذا مسكوت عنه حال تناول الحالة النصرانية. فنجد حديث الصحافة والمتابعين عن هذا التجمع المتناحر المنقسم وكأنه “كتلة لا يستهان بها”، ونجد من يقف بعيداً عنهم يحسبهم جميعاً، والحقيقة أن قلوبهم شتى… وأننا نجد تأويل قول الله تعالى في وصفهم ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة-14]، فهذه هي الحقيقة التي نشاهدها بأعيننا: أن العدواة والبغضاء استعرت بينهم فأغرت بعضهم ببعض.

ونجد من يتحدث عنهم وكأن في تصعيدهم للمشهد السياسي حلاً لمشاكل مصر. وكيف؟!!
كيف لهؤلاء المختلفين المتناحرين أن يحلوا مشاكل غيرهم؟!

لا يمكن لعاقل أن يقبل بحضور مثل هؤلاء في المشهد، ببساطة لأنهم مختلفون… أهل جدل وخلاف.. أهل شقاق وفرقة، وليسوا أبداً أهل بناء.
وفي انشقاقهم واختلافهم في مثل هذا الظرف التاريخي لهم، أمارة على أن البناء هش، فقط يحتاج من يستند عليه ليهدمه.

محمد جلال القصاص  | 16/11/1432 هـ

03‏/11‏/2011

بيان الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح حول تجدد محاولات الالتفاف على الإرادة الشعبية


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
أولاً: تستنكر الهيئة الشرعية محاولات نائب رئيس الوزراء، الذي لم تعرف له مصر دورًا إلا الالتفاف على إرادة المصريين، وتحدي جموعهم الحاشدة، ومحاولة فرض الوصاية عليهم مِن خلال ما يُسمى بوثيقة المباديء الدستورية، ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية!
ثانياً: تَعتبِر الهيئة هذه المحاولات المشبوهة انحيازاً مِن الحكومة، ممثلةً في نائب رئيس الوزراء، إلى جهات مُعَيَّنة بما يُفقدها الحيادية والموضوعية والمصداقية.
ثالثاً: تحذِّر الهيئة الشرعية مِن شؤم عاقبة هذه الإملاءات المرفوضة، وتطالب بإقالة نائب رئيس الوزراء الذي لم يقدم لمصر شيئاً سوى التذكير بممارسات المستبدين في العهد البائد.
رابعاً: تطالب الهيئة المجلس العسكري بالانحياز التام لاختيار الشعب الذي عبرت عنه الأحزاب والقوى والرموز السياسية في بياناتها الصادرة اليوم الأربعاء 2/11/2011م، وتُذكِّر الهيئة بالوعود التي قطعها المجلس العسكري بالتزامه بالتوافق الشعبي في كل ما يصدر عنه مِن قرارات.
خامساً: تدعو الهيئة الأمة بأسرها إلى مليونية حاشدة في ميدان التحرير يوم 18/11/2011م في حال إصرار نائب رئيس الوزراء على وثيقته أو صدور بيان دستوري بها مِن المجلس العسكري.
 سادساً: تدعو الهيئة جموع الشعب المصري للمدافعة عن حقه، والمطالبة بحريته، والعمل على استرداد ثورته كما تناشد الهيئة أفراد الجيش والشرطة معاً أنْ يعملوا مع أمتهم في حراسة مكتسباتهم، وتأمين بلادهم، ورفض كل تهديد لاستقلال إرادتهم الوطنية.
سابعاً: توجه الهيئة عموم الأمة إلى الاستعانة بالله وحده، والصبر على إنجاز الأهداف المنشودة لهذه الثورة المباركة.
قال تعالى: ﴿اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [سورة الأعراف – الآية 128].

الأربعاء 6 ذي الحجة 1432 هـ / 2 نوفمبر 2011

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رئيس الهيئة الشرعية
أ.د. علي السالوس

النائب الأول
أ.د. طلعت عفيفي

النائب الثاني
أ.د. محمد عبد المقصود

النائب الثالث
فضيلة الشيخ محمد حسان

الأمين العام للهيئة الشرعية
د. محمد يسري إبراهيم