29‏/08‏/2010

في ليلة القدر

في ليلة القدر تنتشِرُ الملائكة في الأرض، فيبطُلُ سُلطانُ الشياطين، كما قال الله تعالى: ﴿تَنَـزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [سورة القدر – الآيات 4، 5].
وفي المسند عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الملائكةُ تلك الليلة في الأرض أكثر مِن عدد الحصى))، أخرجه أحمد (2/519)، وابن خُزَيْمة (2194)، وحَسَّن الألباني إسناده وراجع الصحيحة (2205).
وفي صحيح ابن حِبَّان، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخرُج شيطانها حتى يخرج فجرُها))، أخرجه ابن حبان (3688).
وفي المسند مِن حديث عُبادة بن الصامِت، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ليلة القدر: ((لا يَحِلُ لكوكبٍ أن يُرمى به حتى يُصْبِحَ، وأن أماراتَها أنَّ الشمسَ تخرُجُ صبيحَتَها مُسْتَويةً ليس لها شُعاعٌ مثل القَمَرِِ ليلةَ البدرِ، لا يحِلُ للشيطان أن يخرُجَ معها يومئذٍ))، أخرجه أحمد (5/324).

ورُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إنَّ الشيطان يطلُعُ مع الشمسِ كُلَّ يوْمٍ إلا ليلةَ القدرِ، وذلك أنها تطلُعُ لا شعاعَ لها)).
وقال مجاهدٌ في قوله تعالى: ﴿ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [سورة القدر – الآية 5]، قال: ((سلام أن يحدُثَ فيها داءٌ أو يستطيعَ شيطانٌ العَمَل فيها)). وعنه قال: ((ليلةُ القدْرِ ليلة سالِمةٌ لا يحدُث فيها داءٌ، ولا يُرْسَلُ فيها شيطان)). وعنه قال: ((هي سالمةٌ لا يستطيعُ الشيطانُ أن يعمل فيها سوءاً، ولا يُحدِثَ فيها أذى)).
وعن الضَّحاك، عن ابن عباس قال: ((في تلك الليلة تُصَفَّدُ مردةُ الجِنِّ، وتُغَلُّ عفاريتُ الجِنِّ، وتُفْتَحُ فيها أبوابُ السَّماءِ كلُّها، ويَقْبَلُ الله فيها التوبةَ لكلِّ تائبٍ، فلذلك قال: ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [سورة القدر – الآية 5])).
ويُروى عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: ((لا يستطيعُ الشيطانُ أن يُصيبَ فيها أحدٍ بخبلٍ أو داءٍ أو ضربٍ مِن ضُرُوبِ الفسادِ، ولا ينفُذُ فيها سِحرُ ساحِر)).
ويُروى بإسنادٍ ضعيفٍ عن أنسٍ مرفوعاً: ((أنه لا تسري نجومُها، ولا تنبح كلابهُا)).

وكل هذا يدُلُّ على كفِّ الشياطين فيها عن انتشارِهم في الأرض، ومنعهِم من استراق السمع فيها مِن السماء.


كتبه: أحمد بن رجب الحنبلي رحمه الله، المتَوَفَّى سنة 795 هـ
مِن كتاب: لطائف المعارف فيما لمواسم العام مِن الوظائف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق