· البذل والتضحية بكل شيء في سبيل الدين سِمة الصادقين وعلامة بارزة لعباد الله المُفلحين، وعلى قدر الحُب يكون البذل.
· أسلم طريقة للنجاة من الفِتن والتخلص من آثارها البُعد عنها، ومَن حام حول الحِمى يوشِكُ أن يرتع فيه؛ فاهجر ما فيه شُبهة وابتعد عن مواطن الفِتن تسلم.
· أبو بكر الصِدِّيق رضي الله عنه أعلى الناس مكانةً بعد الأنبياء والمُرسلين:
o فهو صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم في الهِجرة وجليسه في الغار.
o وهو الفائز بمعية الله له وللنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سورة التوبة - الآية 40]، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اثنينِ اللهُ ثالِثَهُمَا" أخرجه البخاري ومسلم.
o وهو الذي استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين مَرِض للصلاة بالناس فقال: "مُرُوا أبا بكرٍ فَلْيُصَلِّ بالناس" أخرجه البخاري ومسلم، وصدق الفاروق عُمَر رضي الله عنه إذ قال عن الصِدِّيق أبي بكر رضي الله عنه: "رَضِيَكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، أفلا نرضاك لدنيانا".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر وعمر سَيِّدا كهول الجنة مِن الأولين والآخرين إلا النبيين والمُرسلين" أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح سُنن الترمذي.
· الأخذ بالأسباب مع حُسن التخطيط والإعداد من أهم عوامل النجاح، والأخذ بالأسباب يكون أولاً، ثم يكون صدق التوكل والاعتماد على الله عز وجل، والطعن في الأسباب طعن في الشرع، وتعلق القلب بالأسباب شِرك؛ فَخُذ بالأسباب ولا يتعلق قلبك بها؛ وإنما يتعلق قلبك بالمَلِك الوَهَّاب. وهكذا خطط رسول الله صلى الله عليه وسلم للهجرة، ثم حين وقف المشركون على باب الغار فَوَّضَ الأمر إلى الله عز وجل وقال: "إن الله معنا"، فحفظه الله ودافع عنه.
· حِفظ الله لأوليائه لا يُفارقهم؛ فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، وعلى قدر بَذْلِك وتضحيتك يكون حِفظ الله لك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك" أخرجه أحمد في مُسنده وصححه الألباني في صحيح الجامع؛ فانفض عنك غبار السلبية، واطرد عن جفونك نوم الغفلة المَقيت، وأشعل في القلب حماسة البذل للدين ومن لم يَمُت بالسيف مات بغيره، ومن العجز أن تموت جباناً؛ فابذل لله ولا تتأخر، فإن قوماً ظَلُّوا يتأخرون حتى أخرهم الله عز وجل، ابذل لله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [سورة التوبة - الآية 38].
· انقطعت الهجرة من مكة، لأنها صارت دار إسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا هِجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونِيَّة، وإذا اسْتُنْفِرْتُم فانْفِروا" أخرجه البُخاري ومسلم؛ لكن الهجرة من المعصية إلى الطاعة باقية، ومن البدعة إلى السُنَّة باقية، ومن الشِرك إلى التوحيد باقية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والمُهاجِر من هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عنه" أخرجه البخاري.
وكذلك هي باقية إذا أسلم إنسان بين أُناس مُشركين كلهم، فمِثل هذا يجِب في حقه أن يُهاجِر غلى بلاد المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين"، قالوا: يا رسول الله، لِمَ؟ قال: "لا تَرَاءَى نارهما" أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح سُنن الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن جامَع المُشرِك وسكن معه فإنه مثلُه" أخرجه أبو داود وصححه الألباني في صحيح سُنن أبي داود.
· ليست العِبادة مُجرد صلاة وصِيام فحسب، بل العِبادات أشمل مِن ذلك؛ فهي كل ما يُحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال والأحوال؛ فهناك عبادات قلبية كالحُب والخوف والرجاء، وهناك عبادات مالية كالصدقة والزكاة والكفارات، وهناك عبادات بدنية كالصلاة والهجرة، وهناك عبادات قولية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، فالهجرة عبادة مِن أَجَلِّ العبادات، وهي باقية بالمفهوم الذي ذكرناه من قبل.
كتبه: فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب
مِن كِتاب: مدرسة السيرة النبوية – الجزء الأول "مِن الميلاد إلى الهجرة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق